Friday 1 November 2013

بأيِّ ذنبٍ قُتلوا؟


درسوا الصحافة وأملهم في سنين جامعتهم التي أمضوها بين لقاء وآخر، ومقابلة وأخرى إلى أن يكونوا في نفس ذلك المكان الذي نظروا إليه خلال زيارتهم إلى مراكز الأخبار ولقاءاتهم بمختلف الصحفيين والإعلاميين بنظرة فصلتهم ولو لثوانٍ عن ذلك العالم الذي يعيشونه، نظرة جعلتهم يتخيلون أنفسهم شاخصين في ذلك العرش الذي تبلورت حوله كل أحلامهم في ليالي دراستهم المتعبة والمليئة بالمغامرات. ولكنهم لم يعرفوا بأن تلك المغامرات ستصبح واقعاً لهم عندما يمتهنون الصحافة على أرض الحدث. فبين اختطاف مراسل، وقتل صحفي آخر كان كل همه أن يكون عين من عُميت عينه عن رأي الحقيقة، وأذن من صمت أذنيه عن توخي الخبر بمصداقية، بذلوا هم قُصارى جهدهم لأن يكونوا مرآةً تعكس الواقع الذي وطأته قدميهم دون أيّة شوائب، ولم يعرفوا بأن حياتهم بمُجملها قد تتعرض للخطر



أيُّ خطرٍ ذلك الذي يتحتم على صحفي أعطى من جهدِه لمهنته ما أعطى حتى يرصد الحقيقة؟ وبأيِّ حقٍ يُقتل أو يُخفى أثره من على قيد الحياة، جرَّاء حمله كاميرا أو قلم لتصوير واقع أو الكتابة عنه؟




نعم، فهم أبرياء من الدرجة الأولى امتهنوا الصحافة لكي يسلطوا الضوء على قضايا أُسدلت عليها الستائر منذ أن كانوا تلاميذ مدرسة حتى تخرجوا بشهادة جامعية تخولهم لأن يكونوا صحفيين، فدخلوا لمجال الصحافة بحماس عاملين على أن يكون قلمهم- كاشف ضوئي- يسلط بضوئه على كل تلك الأمور التي أُحجبت بإرادة شعب، أو حتى دون سؤالهم ما أن أرادوا التخفي وراء قيود مجتمعات هَوَتْ التواري حتى وراء سُبابتها من أمور تطرق أبوابها في اليوم مئة ألف مرة

لايُهِم كل ما يُعاملون به، وبأيِّ طريقة قاسية تنحرم منهم عائلاتهم أو أشخاص يعنون لهم الكثير، فهم مثلُهم كمثل عامة الناس، لهم أقرباء، وأصدقاء، وفلذات أكباد ينطقون باسمهم منذ أن عرفت شفاههم حاسة النطق لأول مرة، بل المُهم نظرة الاحترام التي يحظون بها ما دُمنا أحياء. تحيةٌ عظيمةٌ كعظمتهم على كل ما بذلوه ويبذلونه بتضحية بأرواحهم لكي لايكون لنا حجةٌ عليهم بأننا لم نعرف مايجري في مصر، سوريا، أو  حتى فلسطين أو أيِّ بقعة أخرى من بقاع العالم