Friday 3 January 2020

"شهادات "فولسو


يحدث أن يتخرج شخصاً بتقدير عالٍ من كلية لا بأس بها واختصاص يُشار إليه بالبنان، فتجد والده يَشدُّ الظهرُ به كونه مهندساً أو طبيباً.. وألخ من وظائف ارتبطت بـ"برستيج" اجتماعي معين في أذهاننا لعقود طويلة من الزمان حتى حاوطتها صورة نمطيّة لتصنيف أصحابها ممن يمتلكون شهادات الاعتراف بها على أنهم على قدر عالٍ من المعرفة والاطلاع والأسلوب المُنمق. 

وهنا كانت الطامة.. كبرنا وعاصرنا وعاشرنا شخصيات جامعية كثيرة تحمل شهاداتٍ إن صح القول - "وهميّة"- لا تمدُّ إلى الواقع بِصلِّة، وكأنها "فولسو" يغركَ شكلها، بيْدَ أنَّ حقيقتها جوفاء، فارغة تفتقر إلى أدنى المقومات على الصُعد كَافة من التعاملات الإنسانية، والدرايّة بالقواعد القانونية التي نستمدها من شرعنا الحنيف. لذا فلا تستغرب إن وجدت أخانا في عمله يباشرُ بتصاميم لأبنيّة ومصانع، في حين أن عقله يفتقر إلى الكثير من العمار، وكلمة الكثير لا تصف مأساة الحقيقة مهما وصفت الكلمات. 

لذلك علينا جميعاً أنَّ نقفَ وقفة في تربية نشأ جديد تتواءم مخرجاته التعليمية مع معايير أخلاقية وتعاملية عدة نغرسها فيه منذُ الصغر، حتى تكون بكفتي الميزان سواء لا يطغى أحدهما على الآخر. فما فائدة وجدوى الشهادة إن كانت حبراً على ورق لا تغير من فحوى كينونة الشخص وما جُبل عليه من مبادئ وقيم باتت اليوم في عصر الانقراض في زمن اختلط به الحابل بالنابل، حتى أضحى صاحب الشهادة من فئة الـ "فولسو" جاهلاً بالعديد.. العديد.. من الأمور الحياتية المعيشية التي لا يمكنه أن يحيى حياة سليمة دونها، فكيف له أن يصبح قبطان سفينة ويبحر في مصاعب الدنيا وتحدياتها وهو لا يتقن إدارة الدفة والوجهة التي عليه اتخاذها؛ لتتفاجئ بفشل مزري للدكتور والمهندس..، وغيره من أصحاب المهن ذات الألقاب، عند دخوله معترك الحياة الحقيقي! 

غدير المزيني