Tuesday 11 February 2020

اظفر بنفسك .. تربت يداك

   

بين رتم الأيام المتسارع، نتصارع على حلبة الحياة مع مواقف جَمة، بعضها متوقع وآخر لم نكن نتوقع أن نلتقي فيه في صحائف أيامنا، وبين هذا وذاك تجدنا نساوم ونراهن ونحتار كيف التعامل مع وقعها بشكل يناسب ضمائرنا وما جُبلنا عليه لعقود طويلة من الزمان.

وما أكثر خساراتنا! إذا ما رصدنا ما خسرناه بورقة وقلم، وسجلنا جرداً لكل المواقف التي لطالما مررنا بها ومرت بنا، وفي المقابل أيضاً علينا أن نقر بكسبنا وما ربحناه في تجارة الحياة، وهكذا تأرجحنا في كفتيّ الميزان بين عقائد ومُسلمات لطالما كانت الحبل الذي نربط بها جواد أعمارنا ونشدد به تارةً ونرخي تارةً، للمُضي قدماً أو حتى الرجوع إلى الخلف، لتصحيح مسار أو إعادة النظر فيما جدولناه في مذكراتنا التي سنبقى نذكرها ونعيش على عبقها إلى يوم يبعثون.

لكن الأجدى والأهم بين كل تلك الخسارات والمكاسب، أن نكسب أنفسنا في المقام الأول والأخير، وأن نجعل لها إطار ذهبي عيار 24 لا يصدأ ولا يتغير لونه يحفظها من تيارات الزمان وعدوى الوجوه التي نلتقيها بأشكالها المتغيّرة، وطالما أننا وفي أيِّ موقف- مهما صغر وقعه أو كبر- كسبنا أنفسنا، فسحقاً لكل خساراتنا، وطوبى لنفسٍ عزيزة يرتبط صداها بتردد اسمنا ما حيينا.

وعلينا أن نعيش لنسأل ذاتنا يومياً السؤال التالي: "ما قيمة أن نكسب كل شيء ونخسر أنفسنا"؟

ما قيمة أن نكسب صفقة بهتاناً وزوراً وقد خسرنا مبدأً كنا لطالما نؤمن به إذا ما فرقتنا الطرق ووقفنا على قارعتها، وما تلك الجدوى التي سنجنيها من علاقة كانت لنا كل شيء، ولكنها استهلكت بقايا الروح فهمشتها ودثرت الحياة فيها! وما الفائدة التي سنقدمها لذواتنا قبل الآخرين عندما ندوس على كرامة الحياة بأعيننا ونقبل بحياة لا تليق بنا ولا تمثلنا حتى تجعلنا نتعرف على أنفسنا لأول مرة كلما هممنا للنظر إلى المرآة! أسئلة كثيرة ستتردد علينا وإجابتها مجتمعةً واحدة بأن الكسب الحقيقي هو نفسنا بالطبع وفي أحسن تقويم كما خلقها بارئها، وأيُّ كسب فيما سواها هو مؤقت يزول بزوال مؤثره ثم لا نلبث أن نرثيه.

غدير المزيني

No comments:

Post a Comment