لطالما استوقفتني مقولة ليّست كأيِّ مقولة جاد بها إمام الحكمة علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- حينما قال فيها: "كل متوقع آتٍ"، فمُنتظر الفرح حتماً سيجني ثماره ومهما طال انتظاره، وصاحب اليقين بفكرته ستتحقق، وكذلك مسيء الظن سينال إثم ظنونه قبل أن تنعكس على غيره فيرى طيفها واقعاً أمام مقلتيه؛ لذا فلتتوقع ما تتمنى
وعلى قدر أمنياتك تيقن من حجم تلك اللّذة المُتلونةً بألوان الفرح والفرج والانتصار على كل ذلك الخوف الرهيب الذي أحاط بها لعقود رُبما من الزمان حتى بات الرهان على تحقيقها أقرب إلى المستحيل
ليتنا نعلم أن قانون الجذب لا يقتصر كما تعلمنا في صغرنا على جذب بُرادة الحديد لأقطاب المغناطيس فحَسب. فالحقيقة هي أنه حتى لأحلامنا ولشغفنا الذي يحاكي عَنان السماء قوة للجذب أيضاً، ولكن الأقطاب هنا، وفي هذه الحالة، مختلفة فهي نحن.. نحنُ من نتجاذب مع أحاسيسنا ومشاعرنا ويقيننا الأعمى بقدرة الله (جلَّ في علاه) على حصولها، وهنا يكمن التحدي الحقيقي والانتصار الفعليّ وهو اليقين بقوتنا الداخليّة من بعدها؛ لتذليل الصعاب والتحديات، مهما تبايّنت وتنوعت في سبيل الوصول إلى ما نطمح إليه، وما يليق بنا، ويكلل رحلة صبر لطالما امتطينا جواد آمالها، وتوجهنا ببوصلة قُلوبنا للمُضي قُدماً فيها بكلِّ إرادة وعزم وتصميم
في كل محنة أو اختبار يَمرُّ بِنا علينا أن نتوقع مروره بسلام، حتى يمر بسلام، وأن نعلن الخصام- لا بأس- مع أفكارنا السلبية، وسيّل الإغراءات الشيطانية المُفعمة بأجواء الهزيمة والتشكيك بلائحة المُسلمات والآيات التي تنفخ روح الإيجابية بأرواحنا المُشعثة من خلالها، بيْدَ أننا ولجهل معين مننا وضعناها جانباً حتى تراكمت أكوام الغبار عليها، فلا عدنا نلتفت إليها، خاصةً بعد أن أضنانا المسير في دروب مجهولة الوجهة، فما عاد أحدٌ مُتأكدٌ من ماهيّة خط نهايتها
فحوى القول يتلخص بعدم استكثار أمنياتنا على أنفسنا فنستبعد حصولها، بحجة أن الزمان أو حتى المكان لم يتوائم مع إمكانيتها، فنحرم فراشة أحلامنا، ودون رحمة، من الخروج من طيّات شرنقتها، ونحكم عليها بالتوهان بين سلسلة من الإحباطات اللامتناهية والإمكانيات التي نراها- "برغبتنا لا أحد سوانا- "قاصرة
غدير المزيني