Friday 1 November 2013

بأيِّ ذنبٍ قُتلوا؟


درسوا الصحافة وأملهم في سنين جامعتهم التي أمضوها بين لقاء وآخر، ومقابلة وأخرى إلى أن يكونوا في نفس ذلك المكان الذي نظروا إليه خلال زيارتهم إلى مراكز الأخبار ولقاءاتهم بمختلف الصحفيين والإعلاميين بنظرة فصلتهم ولو لثوانٍ عن ذلك العالم الذي يعيشونه، نظرة جعلتهم يتخيلون أنفسهم شاخصين في ذلك العرش الذي تبلورت حوله كل أحلامهم في ليالي دراستهم المتعبة والمليئة بالمغامرات. ولكنهم لم يعرفوا بأن تلك المغامرات ستصبح واقعاً لهم عندما يمتهنون الصحافة على أرض الحدث. فبين اختطاف مراسل، وقتل صحفي آخر كان كل همه أن يكون عين من عُميت عينه عن رأي الحقيقة، وأذن من صمت أذنيه عن توخي الخبر بمصداقية، بذلوا هم قُصارى جهدهم لأن يكونوا مرآةً تعكس الواقع الذي وطأته قدميهم دون أيّة شوائب، ولم يعرفوا بأن حياتهم بمُجملها قد تتعرض للخطر



أيُّ خطرٍ ذلك الذي يتحتم على صحفي أعطى من جهدِه لمهنته ما أعطى حتى يرصد الحقيقة؟ وبأيِّ حقٍ يُقتل أو يُخفى أثره من على قيد الحياة، جرَّاء حمله كاميرا أو قلم لتصوير واقع أو الكتابة عنه؟




نعم، فهم أبرياء من الدرجة الأولى امتهنوا الصحافة لكي يسلطوا الضوء على قضايا أُسدلت عليها الستائر منذ أن كانوا تلاميذ مدرسة حتى تخرجوا بشهادة جامعية تخولهم لأن يكونوا صحفيين، فدخلوا لمجال الصحافة بحماس عاملين على أن يكون قلمهم- كاشف ضوئي- يسلط بضوئه على كل تلك الأمور التي أُحجبت بإرادة شعب، أو حتى دون سؤالهم ما أن أرادوا التخفي وراء قيود مجتمعات هَوَتْ التواري حتى وراء سُبابتها من أمور تطرق أبوابها في اليوم مئة ألف مرة

لايُهِم كل ما يُعاملون به، وبأيِّ طريقة قاسية تنحرم منهم عائلاتهم أو أشخاص يعنون لهم الكثير، فهم مثلُهم كمثل عامة الناس، لهم أقرباء، وأصدقاء، وفلذات أكباد ينطقون باسمهم منذ أن عرفت شفاههم حاسة النطق لأول مرة، بل المُهم نظرة الاحترام التي يحظون بها ما دُمنا أحياء. تحيةٌ عظيمةٌ كعظمتهم على كل ما بذلوه ويبذلونه بتضحية بأرواحهم لكي لايكون لنا حجةٌ عليهم بأننا لم نعرف مايجري في مصر، سوريا، أو  حتى فلسطين أو أيِّ بقعة أخرى من بقاع العالم


Friday 25 October 2013

أعراس أم حلبات مصارعة؟


لطالما أضحكني وأدهشني معاً منظر الأعراس في بلادنا، عندما يتهافت الفتيات على حلبة الرقص ويتسابقون بحركات لا أدري إن كانت حقاً تُدعى رقصاً أم حركاتٍ بهلوانية؟! تُشرق كل واحدة أقصى الشرق لتُقابل نظيرتها غرباً وتلتصق بها فتزيدها انفعالاً، وكأن الاحتكاك الحاصل بينهما قد ولد حرارة، تماماً كما ينص قانون الاحتكاك الذي درسناه في مادة الفيزياء.  حماس يدبُّ في صالات الأعراس لا أعرف ما إن كان هدفه الأساسي القيام بالواجب لإضفاء روح الفرح في ذلك الفرح، أم هو غرضه الأسمى إغراء عيون أم عريس المستقبل الواعد لتُعجب بها وبحركاتها البهلوانية وتأخذها "كِنَّةً" لها.

منطق لم أؤمن به ولا أظن أن عقلي سيستطيع تقبله في يوم، فكيف لأم عريس أن تنتقي زوجة ابنها من حلبة رقص مُعتمدة على حركات تقوم بها أي بنت، أو حتى شب في هذه الأيام، لتتمايل بجسدها على أنغام أغنية باذلةً جهدها الأقصى لأن تتناغم حركاتها قدر المُستطاع مع كلمات أغنية "مافي نوم بعد اليوم مافي نوم،" أو حتى أغنية غانغنم ستايل، غايتها في ذلك أن تُبرهن  لحماتها أنها على اطلاع برقصات عالمية.
أسئلة لطالما دارت علامات استفهامها حول رأسي في أعراس أخواني وأخوتي الكبار أو حتى تلك الأعراس التي كنت ضيفةً فيها:

 هل نسي هؤلاء البنات أن الزواج قسمة ونصيب، ولايقتصر على مكان محدد ووقت محدد؟
وهل أصبح المقياس الذي يُختار به بنت ستصبح فيما بعد -بمشيئة الله- أماً تٌربي جيلاً صاعداً، هو قدرتها على هز وسطها؟

تلك الأسئلة بصراحة جعلتني أدخل في جدالات مع أمي لها نقطة بداية ولانهاية لها التي ترى مثلها كغيرها من الأمهات أن الأعراس هي "مصيدة عرسان" في المقام الأول، تتسابق فيها الفتيات للفوز بعيون أم عريس تجلس كماسح ضوئي على أحدى الطاولات، أو علها تحظى بإعجاب العريس نفسه عندما يدخل مع زفة عرسان تلك الليلة، اللذان دفعا من مالهما وجهدهما مايكفي لإنجاح تلك المُصارعة- عفواً أقصد ليلة العمر.

شاهد أيضاً:

Tuesday 9 July 2013

عَبرةٌ من مُقلة أنثى


عَبرةٌ من مُقلة أنثى

مثلٌ فرنسيٌ يقول: "أقصر طريق لأن تربح امرأة هو أن تُضحكها"، مع احترامي لهذا المثل إلا أنه ليس بضرورة أن يكون صحيحاً في كل الأحيان، فكم من صفقة ذكورية قد رُبحها آدم بدموع أغرقت عتبات مُقلة أنثى. أنثى لم تكن تَعي يوماً بأن أحداً ما سيُبكيها، ولكن بكائها كان الخطوة الأولى لطريق الألف ميل الذي ابتدى بعبرة مع رجل قضت دهراً وهي تنتظره لتشاطره حياتَها، وتكمل تكوينها ونصفها الآخر به.

حواء التي يستدرجها رجل يُضحكها، قد يستهويها أيضاً وربما بدرجة أكبر رجل يُعلمها كيف تبكي بحرقة قبل أن تخلد إلى النوم كل مساء لأن في بكائها سيكمُن حبه الدفين بين أزقة قلبها ودهاليز ذكرياتها. اعتدنا أن نقرأ في كل رواية حب عن بطلةٍ تبكي على حبيبها- البطل- يعني أنها تحبه حب لانهائي تماماً كالحياة التي لا تنتهي إلا بالموت وإذا توقفت ضربات نبض قلبها عن الخفقان بغض النظر عن ما إذا كان أضحكها البطل في بداية الرواية أم لا، فالدمعة التي تذرفها أنثى من أجل رجل هي بمثابة الشماعة التي يتمركز حولها حبها كله له وإن صح التعبير عشقها لأنها باختصار لن تبكي على فقدان أو هجران رجل كان لها كأي رجل عابر يمر على أرصفة أيام حياتها.

القلوب تختلف والدموع أيضاً تختلف، فليست كل القلوب قاسية لتحجب دموعها وترتدي زيَّ القوة، وأيضاً تلك الدمعة التي تُذرف من أجل رجل مُختلفة تماماً عن نظيرتها التي تُذرف عند وداع صديق أو فقدان شخص ما إلى الأبد. فلكل دمعة مذاقها الخاص لدى حواء ودموع العشق أقساها ألماً لأنها تُعجن بألم استوطن أوردة القلب الذي سكنه شخص  بعثر أشلائه ودقاته،  فباتت تتهافت عند رؤيته أو سماع صدى همسات صوته، حتى وإن كان في أحلامها.

Saturday 29 June 2013

سباق الماراثون الرمضاني



تكتظ شاشات التلفاز بشهر رمضان المبارك بمسلسلات تتنوع قصصها مابين الدراما، والطابع السياسي، و الجو الكوميدي، واللمسة العاطفية لتصبح عين المُشاهد العربي تماماً كمعدته التي أصابها عسر هضم بعد انقضاضه على مائدة إفطار تتنوع فيها أطباق المُقبلات، والمشروبات، والحلويات، حتى تصيب المُفطر الحيرة في أمره في أي إناء أو طبق يمد سباباته وإبهامه للمرة الأولى ليكسر صيامه، ناسياً السنة النبوية في أن يبدأ إفطاره بشربة ماء تروي ظمأ أمعائه، أو حتى ثلاثة تمرات تسد رمق جوعه، ذلك الجوع الذي لحنت له أمعاء بطنه "سيمفاونية" لا مثيل لها.

يمر رمضان ويتلوه رمضان العام المُقبل ونواعد أنفسنا بذلك الوعد المتين بأن نقضي رمضان هذا العام  بروحانيات تُصفي عوادم أرواحنا من غبار هموم وزلات معاصي قد اقترفناها طوال العام، بقصدٍ أو بدون قصد، ولكن هيهات لهذا الوعد أن يحبو على أرض الواقع! فما أن يهل هلال رمضان، نبدأ بوضع جدول يُماثل الجدول الجامعي للطلاب، باختيار الوقت المناسب والدكتور الذي قد اشتهر بين الطلاب بحنكته التعليمية، ولكن هذه المرة يكون الجدول الرمضاني بطعمٍ أخر، حيث غالباً ما تكون بنوده: الوقت المُناسب، الذي غالباً مايكون بعد الإفطار، بعد أن يتم الارتواء والإشباع لمدارات الهضم التي هضمت كل شيء. أضف إلى ذلك أسماء أبرز الأبطال المُشاركين في هذه المسلسلات، والقناة العارضة لهذا المسلسل- الذي لوهلة واحدة يخاولك الشعور أنه كنز علي بابا أو مصباح علاء الدين، عوضاً عن كونه مُجرد مسلسل.

أنا شخصياً ونظراً لعرض القنوات التلفزيونية لأنواع عدة من المسلسلات وكأ هناك سباق ماراثونياً، أقوم بوضع جدول بسيط على هاتفي الذكيّ يُذكرني بهذا المسلسل إذا أعجبتني حلقاته الثلاث الأولى في مرحلة التقييم في أول ثلاث ليال رمضانية، لأنني اعتدت أن لا أتعجل على الحكم على أية مسلسل من بداياته، فلربما تكون البداية مُملة ثم يكتسح ذلك المسلسل بحبكته وأبطاله، قائمة المسلسلات الأكثر مُشاهدة وينال جوائز عدة، تماماً كما حصل معي رمضان العام وتلقنت درساً. ولكن المشكلة ليست فقط في جدولي الرمضاني المُتواضع، الكارثة كانت في جدول أمي- رضي الله عنها وأرضاها- التي كانت بدلاً من أن توبخني على مشاهدتي للتلفاز في هذا الشهر الفضيل واعظةً إياي أن أستغل الوقت بالعبادة وقراءة القرآن حتى لو كنت لا أضيع إلا نصف ساعة من يومي، كان جدولها أشبه بشجرة عائلتنا عندما أبصرتها عيني لأول مرة، فتهت بين أغصانها وأسعفها وزغللت عيناي حتى اعتزلت القراءة من بعدها. أمسكت الجدول بين راحات يدي أتصفحه ولسوء الحظ لم تكن هناك مسلسلات مُشتركة بين جدولي البسيط وجدول أمي المُعقد بل كانت هناك أوقات تتضارب فيها المسلسلات ليعرض مسلسلها التي تود مشاهدته في ذات الوقت الذي يعرض به مسلسلي مع اختلاف القنوات التي تقوم بالعرض. في الحقيقة هذا الموضوع جعلنا نتعارك في أغلب أيام رمضان بعد الإفطار، لتقول لي أمي مبتسمة:" ماما حبيبتي خليني أغير وبكرا بتشوفي مسلسلك بالإعادة" ونظراً لأن رضى الله من رضى الوالدة، كنت دوماً أتنازل عن مسلسلي لأسلمها الريموت مُتمتمة: "عوضي على الله."

أجواء رمضان رائعة بكل مافيها حقاً، فأنا خلال كتابتي لهذه المُدونة واسترجاعي لشريط ذكريات رمضان الماضي أخذت أشتم رائحة القطايف، وقمر الدين، والفيمتو قبل الإفطار، فاللهم بلغنا رمضان جميعاً وبارك لنا في أيامه وأوقاته، وأجعله لنا شهر خير على جميع الأمة الإسلامية...يارب...

 

Friday 21 June 2013

"تان" من نوع آخر




البعض يحتار إلى أيِّ وجهة يتوجه في إجازته الصيفية للترفيه عن نفسه، فتجده كله حيرة في أمره، لايعرف أين يقصد مساره: إلى تونس الخضراء، أم إلى أهرامات مصر، أم إلى بتراء الأردن، أو عله يضع أيضاً في قائمة احتمالاته التي تعرف البداية ولانهاية لها: ماليزيا، أو تركيا أو حتى سنغافورة مُبتعداً عن المشرق بكل مافيه من نزاعات ومُشاحنات. أشخاص تحتار في وجهتها الصيفية، وأشخاص أخرى- غلب عليهم أمرهم- الذي لم يختاروه بأيديهم بل كان نصيبهم في هذه الدنيا، بالمثل كمن يُولد وفي فمه ملعقة ذهب، هم وُلدوا أيضاً ولكن ولادتهم كانت بنكهة أخرى، ولادة بصمت على جباههم التعتير والشقاء اسماً لهم.

هؤلاء هم عمال البناء والتعمير الذي اعتدت رؤيتهم في طريقي الجامعي كل يوم على شارع الإمارات وغيرها من شوارع دبي، المُكتظة بحضارة عمرانية لا مثيل لها. ففي كل لبنة برج قد شُيدت توجد قطرة عرق قد سالت من جباه أو أيدي هؤلاء العُمال الذين اعتبرهم بوجهة نظري الشخصيّة، اليد الأولى لماوصلت إليه دول الخليج بأكملها من نهضة جعلتها الاسم الأول الذي يُشار إليه بالبنان عندما نتحدث عن النهضة، والعمران، وناطحات السحاب.

في طريقي البارحة كنت مُتوجهة كعادتي إلى الجامعة قُرابة الثانية والنصف بعد الظهر، وإذا بي أرى هؤلاء العمال على أرصفة الطريق يتطايرون ويتناثرون من أشعة الشمس اللاذعة ليقضوا وقت استراحتهم، أيضاً تحت الشمس، الذين تيقنوا أن لا ملجأ ولا منجا منهم إلا إليها، حتى باتت تلك الشمس بأشعتها كحضن الأم الدافئ الذي لايشعرون بالراحة إلا بجواره أو تحت ظله. توقفت في منتصف الطريق، ونسيت الشارع الذي أسير به وأخذت عيناي تُعاين الموقف، فها هو أحدهم قد أخذ "قطعة كرتونية" ليضعها على أعلى رأسه وكأنها نظارة شمسية، علها تقلل من حماوة تلك الشمس الجافة التي تجعلنا نشبهها بجهنم، والعياذ بالله، على الأرض. نظرت إلى هؤلاء العمال واحداً تلو الأخر، وكأن حدقة عيني باتت كعدسة كاميرا تريد تصوير الموقف بأعلى سرعة، وتغطي الصورة بحذافيرها دون أن تنسى شيئاً من كادرها، فأخذت اترقب كل واحداً فيهم ماذا يفعل، وكيف يتصرف ليقلل من حرارة تلك الشمس، التي تصبصت منها-أنا شخصياً- عرقاً وكأنني سحابة ممطرة على كرسي السيارة التي أجلس بداخلها على أعلى درجة تبريد للمُكيف،ذلك المُكيف الذي أصبح لا يُطعم ولا يُغني من جوع إزاء تلك الحرارة المُصهرة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

نظرت إليهم ووضعت في حسباني إنني سأوجه رسالة شكر إليهم رافعة لهم القبعة أمام كل بصماتهم التي نراها في شوارع مدننا الشامخة في إماراتنا الحبيبة. تحية لكم نكتبها على قرص الشمس الذي أضحى المُنبه الأول الذي يعلن بداية يومكم لتتذكروا بأن كل ماتفعلوه نشعر به ونقدره لكم، شكراً لكم من الأعماق، عمال دولتنا الأبطال.

Thursday 13 June 2013

جرعة أمـــل


 

كثيرةٌ هي الأيام التي تمر علينا بلون رمادي مائلاً إلى الاسوداد أكثر من البياض، لتعطينا دفعة تدفع بنا نحو التشاؤم أحياناً دون أن نشعر. فنجد الحياة حينها لاطعم لها، فيوم الأحد هو نفسه الخميس، والخميس هو ذاته الخميس الذي مضى منذ أسبوعين، ولكنه الآن يختلف بطعم مُنكه برحيق الألم. نسميه ألماً ولاندري أئذا كنا قد أصبنا في اختيار هذه التسمية لكتلة الأحاسيس التي تدق أبواب جدران الخلايا الحسية في أعماقنا أم لا؟ نسميه وجعاً ونمضي في سلسة أيام تستمر بنا إلى اللانهاية من الألم، ولعل السبب في ذلك أننا منذ البداية قد ابتدينا ذلك المشوار دون أن نرى الألم بعكس لامه وميمه إلى كلمة على النقيض تماماً، إلا وهي الأمل.

نعم، فما كان ينقصنا منذ بداية هذا الدرب الشائك بكل أنواع الألم والوجع التي ذقناها، إلى الدرجة التي جعلتنا نميز بين رائحتها وطعمها كعاملٍ امتهن حرفة بيع العسل الأصلي، هو "جرعة أمل" تدفعنا إلى الأمام بنظرة إيجابية إلى الدنيا بأكملها، لتجعلنا نرى من خلال حدقة هذه العين الإيجابية يومنا المُظلم على أنه يوم يتيم لا أب ولا أم ولا حتى أخ أو أخت له، يومنا الأليم هو فقط غصن وحيد من شجرة عائلة لا أحد فيها، سيمر في حياتنا دون أن يترك أية رواسب ويمضي ونمضي معه إلى غدٍ أجمل، مُقتلعين جذور ذلك اليوم بكل مافيه من رُزنامة حياتنا.

مجموعة من الأسئلة تراودني عندما أقابل يوم سيء في تقويم حياتي أوجهها إلى نفسي قبل الجميع:

 ماهو ذنب تقويم عمر كامل أن يُبنى على يوم لم يكن على مزاجنا بل كان كل مافيه عكس مانريد!

وماهو ذنب  نفس بداخلنا أوجدها الله فينا لتحيا ببريق فرح أعدمنا نوره من قبل أن نراه؟

 إن تهورنا ووصلنا حينها إلى هذه الدرجة لنظلم أنفسنا التي أئتمننا الله عليها حين قال جل اسمه وعلا:"ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، فقولوا لي حينئذ، من سيعطي أنفسنا حقها في الحياة لأن تعيش وتحيا حياةً حكمنا عليها حكم إعدام الفرحة قبل أن ترتكب جرماً ما يُخولها لأن تستحق هذا العقاب؟

 فيا آلهـــي كم بالغنا في ظلم أنفسنا، فقال بعضنا بملء الفم: "كم أكره نفسي؟"

 تكره نفسك! وتنظر إلى الآخرين بنظرة استغراب إن كرهوك ونبذوك من بينهم، فلم الدهشة إذا لم تكن أنت الحضن الدافئ الذي يستوعب نفسه ويضمها بفرحها وترحها عندما يقسو عليها الجميع. أنت يامن تدعي كره نفسك، قل لي لماذا تريد من الآخر أن يُحبك وتعتب عليه، وأنت لم تعطي نفسك الفرصة لأن تحب لا أحد آخر بل نفسك؟

وصيتي الآخيرة لك يامن استكثر الحب على نفسه:

أحب نفسك وحاول أن تُغدق على نفسك حباً ليتمكن الأخرون من الوصول إلى درجة حبك، فإن أحببت نفسك ونجحت في حبها، تأهل إلى تلك المرحلة التي تجعلك قادراً لإن تعاتب وتلم الآخرين إن استبعدوك من دائرة حبهم.

Friday 24 May 2013

هي وهو


تحبه، فـيتظاهر أنه يعشقها،

تسأل عنه كل بُرهة قبل أن تنام وبعد أن تنام في أحلامها، وهو يرد سؤالها بسؤال آخر من باب المُجاملة،

تعانق ذكراه على وسادتها كل مساء، وهو يُخبئ كل ذكرى لها في جرارٍ قديم يغطيه الغبار، حتى لايكاد يُعرف أين مقبضه،

تسمع لأجله الأشعار لتنتقي أفضل الأبيات التي تليق بمقامه وبحبه في قلبها، وهو يكتفي بالرد البارد عليها: "شكراً" وبابتسامة مُصطنعة يشعر بها الكفيف،

تعيش  العمر من أجله فتعلق آمالها وأحلامها عليه وبه ومعه، وهو يعلقها كميدالية على مرآة سيارته تجمل منظر المرآة والسيارة معاً، كأكسسوار لا أكثر،

تحبه حدَّ الرمق، وهو في المُقابل يحبها كجزءٍ يُمكنه أن يتجزأ من حياته ويُكمل حياته بدونه دون أية عواقب وخيمة عليه،

تَعده أن لاتتركه إلا عند الموت، ويَعدها هو الآخر بذلك،

ولكنــــــــه ينقض وعده دون أن يطرق الموت باب حياته، لــيتركها روح ميتة في جسدٍ حيّ دونه ودون حبه الذي عاشت به كل هذه السنون التي انقضت من عمرها، حتى أصبحت أشبه بسلعة لاتُباع ولاتُستبدل،

يُكمل حياته ويستأصلها من واقعه، فيبني  كل يوم طابقاً في ناطحة سحاب أحلامه حتى يصل بها إلى عنـــــان السماء، وهي يقف عمرها عليه وعند صدمة تخليه عنها، وينهد صرح حياتها الذي كانت تحلم أن تبنيه معه يوماً تلو الآخر، ودقيقة تلو الأخرى،

تعيش وحيدة تترقب نجاحه وازدهار حياته التي كانت تحلم بيوم من الأيام أن تكون هي النصف المُكمل لها وله، لا لغيره من جنس آدم، لكن دون جدوى!

 

فهو لم يعد لها ولم يكن يوماً لها.


 

Sunday 19 May 2013

عذراً لم يتم العثور على إنسان؟!



عذراً لم يتم العثور على إنسان؟!

عندما نرى الطفل في الشام ينادي "ماما" وأمه شهيدة بجانبه لاتجيبه

ثم يذهب بكل براءة ليستجير بأبيه منادياً بأوتار صوت تُلحن الحزن عنواناً أبدياً لها ولكن دون جدوى،

فيبقى الطفل وحيداً بلا مُعين له سوى الله،

ويلحقه في اليوم التالي مئات الأطفال

نصرخ لنقول: عذراً لم يتم العثور على إنسان؟!


عندما تنادي طفلة فلسطين على الشاطئ ببراءة مُخاطبة أباها وكأنها توجه رسالة إلى العالم بأسره فتقول: "أبي
يا أبي! قُمْ لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا!

نصرخ لنقول:عذراً فلسطين وبنت فلسطين معاً فلم يتم العثور على إنسان؟!


عندما نرى النيل يتعكر صفوه يوماً تلو الآخر بفوضى عارمة تملأ أرصفة وشوارع محافظات ((أم)) اعتدنا أن تكون الحضن الدافئ الذي يضمنا بعد أن نضل المسير

نشعر بأسف تجاه مصــــــر لنعتذر منها قائلين: عذراً ((أم الدنيــــــــا)) فلم يتم العثور على إنسان؟!


عندما نرى صباح دمشق يتحول إلى ليل ذو سواد حالك بصواريخ تحجب ضوء الشمس لتعلن غروبها قبل مجيئه،

وعندما تتحول بساتين الشام إلى صحراء فتذبل أزهارها ويجف نداها قبل أن يزين بتلاتها

نتأوه قائلين:عذراً فلم يتم العثور على إنسان؟!

Saturday 18 May 2013

محمد عســـاف وفلســطين وجهتان لعملة واحدة




ابن غزة،  كيف لا أكتب فيك مدونة، وأنت من أرخ لفلسطين بجنوبها وشمالها تاريخاً جديداً بحنجرتك الذهبية المختومة بعشق فلسطين. فلسطين التي اشتقنا لها جميعاً بكل مافيها، فاشتقنا لترابها الطاهر الذي لم تلمسه راحات أيادينا بعد واشتقنا لرياحين حدائقها الباهرة وأشجار زيتونها الشاهقة، التي باتت تُقتلع قبل أن تثمر في بساتين رام الله وحيفا وأم النار وطبريا أنت تترجمها بين أوتار صوتك المخلوقة لحب فلسطين.

عندما غنى محمد عساف أول أغنية بعنوان "ياطير الطاير،" طرنا بين ألحان صوته ودفء إحساسه الوطني الذي لايحتاج إلى فرقة موسيقية تلحن له عندما يبدأ بخطواته الصوتية على سلمه الموسيقي الخاص به، والذي لا أعتقد أن بيتهوفن  قد أدركها عندما وضع درجات السلم الموسيقي الذي تمثل أوجِّ المرحلة الكلاسيكية في الموسيقى.
 

محمد عساف، ابن بلدي الغالي، ربما قد انقسمت فلسطين إلى فصائل عنصرية سياسية تطالب بتحرير فلسطين وبتوحيد كيانها الذي بُعثرت اشلائه منذ فجر التاريخ، ولكن بأغنية واحدة منك موالها قد كُتِبَ باسم فلسطين، وبوقفة شامخة كشموخ حدود فلسطين على خارطة العالم  قد وحدت الجميع، فجميع الفصائل وجميع العشائر نسوا التحيز لجبهة تحرير على حساب أخرى وكان هدفها الأسمى هو بقائك في البرنامج إلى النهاية التي تتوجك وتتوج فلسطين معك أيدول لكل العرب في برنامج المشاهد العربي والغربي على حد سواء "آرب أيدول".


 تحية فلسطينية من بنت غزة وفلسطين معاً إليك يا من أيقظ حب الوطن في عروق دم أتعبتها الغربة حتى أوشكت أن تنسى  ماهو الوطن، تحية إليك رائحتها من عبق شوارع فلسطين العريقة، ومن بنات وشباب وطن بات حبهم لكَ مقترناً بحب الوطن.

Saturday 2 March 2013

حواء اطمئني

 





أدهشني ماطرحته شركة "أبل" مُوخراً بشأن ذلك المحبس الفريد من نوعه"iRing" والذي يُمكنه أن يكشف أية خيانة زوجية أو عاطفية قبل أن تحدث، فهو بمثابة وإن صح التعبير،عين ثالثة تتبع الشريك في أي وقت وفي أي مكان يذهب إليه.
حدقت في ذلك المحبس عندما قرأت الخبر أتأمله وغرقت بسلسلة أفكاري التي تعرف البداية ولانهاية لها. فاليوم لم تعد حواء بحاجة إلى أن ترهق آدم بأسألتها قبل خروجه من المنزل، من مثل:
إلى أين ستذهب؟
ومع من؟
ومتى سترجع؟
حيث وفرت شركة"أبل" الجواب الشافي لكل هذه الأسئلة التي لطالما كانت ترهق آدم ولكنها وبكل تأكيد كانت ومازالت تهدئ من نار غيرة حواء التي لا تخبت ولاتنطفأ.
أمي التي كنت ألمحها تأكل أظافرها عندما يتأخر أبي على البيت نصف ساعة خشية أن يكون أبي على حد قولها: "يلعب بذيله"، لم أكن مثلها في المستقبل "إن شاء الله"، فبمجرد أن يدق الشك باب قلبي سيكون "iRing" بين أصابع يدي يكشف لي الظاهر والمستور.
فشكــراً "أبل" على هذا الاختراع الذي يجعل كل زوجة في علاقتها مع زوجها أو أي حواء ستخوض تلك العلاقة "تضع بطيخة صيفي" في عقلها قبل بطنها.