Thursday 13 June 2013

جرعة أمـــل


 

كثيرةٌ هي الأيام التي تمر علينا بلون رمادي مائلاً إلى الاسوداد أكثر من البياض، لتعطينا دفعة تدفع بنا نحو التشاؤم أحياناً دون أن نشعر. فنجد الحياة حينها لاطعم لها، فيوم الأحد هو نفسه الخميس، والخميس هو ذاته الخميس الذي مضى منذ أسبوعين، ولكنه الآن يختلف بطعم مُنكه برحيق الألم. نسميه ألماً ولاندري أئذا كنا قد أصبنا في اختيار هذه التسمية لكتلة الأحاسيس التي تدق أبواب جدران الخلايا الحسية في أعماقنا أم لا؟ نسميه وجعاً ونمضي في سلسة أيام تستمر بنا إلى اللانهاية من الألم، ولعل السبب في ذلك أننا منذ البداية قد ابتدينا ذلك المشوار دون أن نرى الألم بعكس لامه وميمه إلى كلمة على النقيض تماماً، إلا وهي الأمل.

نعم، فما كان ينقصنا منذ بداية هذا الدرب الشائك بكل أنواع الألم والوجع التي ذقناها، إلى الدرجة التي جعلتنا نميز بين رائحتها وطعمها كعاملٍ امتهن حرفة بيع العسل الأصلي، هو "جرعة أمل" تدفعنا إلى الأمام بنظرة إيجابية إلى الدنيا بأكملها، لتجعلنا نرى من خلال حدقة هذه العين الإيجابية يومنا المُظلم على أنه يوم يتيم لا أب ولا أم ولا حتى أخ أو أخت له، يومنا الأليم هو فقط غصن وحيد من شجرة عائلة لا أحد فيها، سيمر في حياتنا دون أن يترك أية رواسب ويمضي ونمضي معه إلى غدٍ أجمل، مُقتلعين جذور ذلك اليوم بكل مافيه من رُزنامة حياتنا.

مجموعة من الأسئلة تراودني عندما أقابل يوم سيء في تقويم حياتي أوجهها إلى نفسي قبل الجميع:

 ماهو ذنب تقويم عمر كامل أن يُبنى على يوم لم يكن على مزاجنا بل كان كل مافيه عكس مانريد!

وماهو ذنب  نفس بداخلنا أوجدها الله فينا لتحيا ببريق فرح أعدمنا نوره من قبل أن نراه؟

 إن تهورنا ووصلنا حينها إلى هذه الدرجة لنظلم أنفسنا التي أئتمننا الله عليها حين قال جل اسمه وعلا:"ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، فقولوا لي حينئذ، من سيعطي أنفسنا حقها في الحياة لأن تعيش وتحيا حياةً حكمنا عليها حكم إعدام الفرحة قبل أن ترتكب جرماً ما يُخولها لأن تستحق هذا العقاب؟

 فيا آلهـــي كم بالغنا في ظلم أنفسنا، فقال بعضنا بملء الفم: "كم أكره نفسي؟"

 تكره نفسك! وتنظر إلى الآخرين بنظرة استغراب إن كرهوك ونبذوك من بينهم، فلم الدهشة إذا لم تكن أنت الحضن الدافئ الذي يستوعب نفسه ويضمها بفرحها وترحها عندما يقسو عليها الجميع. أنت يامن تدعي كره نفسك، قل لي لماذا تريد من الآخر أن يُحبك وتعتب عليه، وأنت لم تعطي نفسك الفرصة لأن تحب لا أحد آخر بل نفسك؟

وصيتي الآخيرة لك يامن استكثر الحب على نفسه:

أحب نفسك وحاول أن تُغدق على نفسك حباً ليتمكن الأخرون من الوصول إلى درجة حبك، فإن أحببت نفسك ونجحت في حبها، تأهل إلى تلك المرحلة التي تجعلك قادراً لإن تعاتب وتلم الآخرين إن استبعدوك من دائرة حبهم.

No comments:

Post a Comment