لطالما أضحكني وأدهشني معاً منظر
الأعراس في بلادنا، عندما يتهافت الفتيات على حلبة الرقص ويتسابقون بحركات لا أدري
إن كانت حقاً تُدعى رقصاً أم حركاتٍ بهلوانية؟! تُشرق كل واحدة أقصى الشرق لتُقابل
نظيرتها غرباً وتلتصق بها فتزيدها انفعالاً، وكأن الاحتكاك الحاصل بينهما قد ولد حرارة، تماماً كما ينص قانون الاحتكاك الذي درسناه في
مادة الفيزياء. حماس يدبُّ في صالات الأعراس لا أعرف ما إن كان هدفه الأساسي
القيام بالواجب لإضفاء روح الفرح في ذلك الفرح، أم هو غرضه الأسمى إغراء عيون أم
عريس المستقبل الواعد لتُعجب بها وبحركاتها البهلوانية وتأخذها "كِنَّةً"
لها.
منطق لم أؤمن به ولا
أظن أن عقلي سيستطيع تقبله في يوم، فكيف لأم عريس أن تنتقي
زوجة ابنها من حلبة رقص مُعتمدة على حركات تقوم بها أي بنت، أو حتى شب في هذه
الأيام، لتتمايل بجسدها على أنغام أغنية باذلةً جهدها الأقصى لأن تتناغم حركاتها
قدر المُستطاع مع كلمات أغنية "مافي نوم بعد اليوم مافي نوم،" أو حتى أغنية غانغنم ستايل، غايتها في ذلك أن تُبرهن لحماتها أنها على اطلاع برقصات عالمية.
أسئلة لطالما دارت علامات استفهامها
حول رأسي في أعراس أخواني وأخوتي الكبار أو حتى تلك الأعراس التي كنت ضيفةً فيها:
هل نسي هؤلاء البنات أن الزواج قسمة ونصيب، ولايقتصر
على مكان محدد ووقت محدد؟
وهل أصبح المقياس الذي يُختار به بنت
ستصبح فيما بعد -بمشيئة الله- أماً تٌربي جيلاً صاعداً، هو قدرتها على هز وسطها؟
تلك الأسئلة بصراحة جعلتني أدخل في
جدالات مع أمي لها نقطة بداية ولانهاية لها التي ترى مثلها كغيرها من الأمهات أن
الأعراس هي "مصيدة عرسان" في المقام الأول، تتسابق فيها الفتيات للفوز
بعيون أم عريس تجلس كماسح ضوئي على أحدى الطاولات، أو علها تحظى بإعجاب العريس
نفسه عندما يدخل مع زفة عرسان تلك الليلة، اللذان دفعا من مالهما وجهدهما مايكفي
لإنجاح تلك المُصارعة- عفواً
أقصد ليلة العمر.
شاهد أيضاً:
No comments:
Post a Comment