Thursday, 26 December 2019

رُزنامة 2019


تمرُّ الأيام، وتخطف الشهور نفسها فتعبر رصيف العمر، ومن عام إلى عام نكبر وتكبر فينا أحلام ولرُبما أفكار، وأحياناً نكبر نحن على مسلمات كنا نؤمن فيها في مرحلة ما، ثم ما لبثنا أن غيرنا تاريخ صلاحيتها لسبب ما طرأ على رُزنامة العمر الذي نتبلور فيه أكثر، وننضج على نار هادئة كلما مررنا به ومرَّ هو بنا. 

ولعلَّ من أبرز تلك الأفكار التي كانت تسيطر علينا وتأسرنا في دوامتها هو أن حالنا سيقف، بل سيظلُّ على ما هو عليه؛ فتجدُّ نفسك تقف أسيراً لأقدار كانت كمنعطف في طريق توجهك لمرحلة تستلم زمام المُضي بها قدماً، ثم ولسبب ما، خارج عن إرادتك ولتدابير ما آلهيّة، انكبحت قدرتك على السيّر، بيْدَ إنك ما زلت في أرض السباق وعتادك صالحاً للركض بملء إرادتك نحو المقدمة لحجز مطرح لك على سلم المجد يليقُ بك. 

ولكنك عندما توقفت مؤقتاً أيقنت أنَّ "ليس كل ما يتمناه المرء يدركه" فعلاً، فأحياناً كثيرة ومريرة تمشي الرياح بما لا تشتهي السفن، في حين أنَّ عجلة الحياة من حولك لا تأبه بك فهي ظلَّت تدور، والشمس مازالت تشرق في كل يوم وتودعنا عند مغيبها، لتعود مجدداً تشرق وتغرب في سلسلة متواصلة من اللقاء والغياب، والمواسم ها هي تتبدل، وكلٌ يسبحُ في فلكه؛ لينتهي عام ويبدأ عام جديد، يستقبله كل واحد على طريقته، بقائمة جديدة لأحلامه وأمنياته، بالرغم من كل التقهقرات والتقاعسات، فلا أحد يقف ويطيل الوقوف على فقدانك وأنت كذلك لا تقف على فقدان أحد وكل ما يهمك في مشوارك هو أنت.. أنت وحدك. 

عامٌ جديد يشرّف كعادته على الأبواب، ليقرع رُزنامة عمر يمضي بنا على عَجل، دونَ أن ندري، ليصل يوماً ما مهما غضضنا الطرف إلى النهاية.

وبينَ عام وعام تتبدلُ الأحوال والأحلام، وكل منا يتمنى الخير شمساً تشرق في صباحات أيام عمره التي زادت عدداً في تاريخ أعوامها، ورفدت سجلاته بـالكثير.. الكثير.. من اللحظات والمواقف التي أوصدنا الباب عليها على مصراعيه، ومازلنا عالقين بدروس استفدناها، فاقتبسناها رفيقة لنا لأعوامٍ قادمة لا مَحالة! 

غدير المزيني 

No comments:

Post a Comment