Wednesday, 18 December 2019

! فتبيّنوا


في موقف يمرُّ بك على عُجالة خلال يومك، تسمع قصة أو خبر مؤسف حصل لشخص ما، فما يكون منك إلّا أن تترجل مقعدك وتتقمص دور الناصّح الرّاشد، فتبدأ بإطلاق الأحكام وتُبعثرها على من حولك.

 لكن لحظة.. قبل أن يجرفك سيّل الدور بعنفوانه العارّم، هل فكرت يوماً بالتحقق قبل أن تفتح فمك لتترجم كلمات يختلج بها صدرك وتدور في مخيلتك الضبابيّة بعض الشيء مهما اتضحت وجهتُها؟ 
وهل جربت أن تتواضع قليلاً فتضع نفسك موضع الضحيّة! 

أحكام كثيرة نُطلقها على هذا وذاك في صباحنا ومساءنا دونَ أن نأبه بمشاعر من حولنا، فلربما نُطلقها خلسةً من وراء ظهورهم فتتناقل الحيطان الكلمات ويتردد صداها على قلوبهم قبل آذانهم، فيتأذون ونحن السبب، ولربما نقسو، ونُغرم بدور البطولة الذي نجسده على خشبة مسرح الحياة، فنتوجه بحكمنا في وجه من نُحكِّم دون أدنى مراعاة لما يمكنه أن يشعر به، وكيف سيقضي ليله يشاطر حزنه نجوم السماء ويشتكينا إلى ربٍّ كريم. 
 إن كنت من هؤلاء الفئة- وغالبيتنا نُمثلها بشكل أو بآخر- فرويداً.. رويداً، وتذكر قوله تعالى:
"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".

 فالبعض يعتري قلبه الندم كما ذكرَّ جلَّ وعلا لكن بعد فوات الأوان، والبعض الآخر أجدى وأَمر لم يجرب شعور الندم بتاتاً بتاتاً طوال حياته، فهم ببساطة يُرفَّع عنهم القلم، ولا يخطأون لأن غرورهم يمنعهم من مصارحة أنفسهم لا الغير بالخطأ لأن الـ إيجو" EGO" لديهم أكبر من أن تتغافله الفطرة البشرية ليقوم باقتراف السيئة.

علينا جميعاً بتهذيب دور البطل فينا في أيّة مسرحية حياتية تواجهنا، لنروض إحساسنا تجاه الغير، ولا نتسرع أبداً في إطلاق أرائنا دون التبيّن والإحاطة بجميع تفاصيل الروايّة، وإن غابت عنا أجزاء حكاية ما، لا يمنعنا شيء من أن نعترف بجهلنا وقصور علمنا، فنلتزم الصمت، فإن كان الكلام من فضة فالسكوت من الذهب والصمت لغة الحكماء في مواقف كتلك.

غدير المزيني 

No comments:

Post a Comment