Sunday, 15 December 2019

عمارةٌ أساسُها باطل



كثيرون هم من يجتهدون في نصف حياتهم الأول في التفنن ببناء عمارة تتواءم مع سلسلة رغباتهم على اختلاف نواياها، فنجد الحماس يملأ أرواحهم، واللهث وراء عجلة الزمان المتسارعة يسير بهم إلى طريق المالانهاية، فيتفننون في تصاميم حياة تناسب ما يختبأون خلفه، وما اعتادوا على لبسه بشكلِّ قناع طويل الأمد، حتى بات يتحدى ملامحهم الحقيقة، هذا إن لم يكن يطغى عليها! 
ثم تجدهم يصلون إلى النصف الثاني من طريق متاهتهم بدهاليزها المظلمة حتى يكتشفوا أن عماراتهم تتهاوى تتساقط أمام أعيّنهم، وسواعدهم تتكبل أمامها لا تقوى على إيقاف ذلك التيار الجارف لأحلامٍ لطالموا رسموها على أنقاذ أحلام آخرين، ولأماني أنعشوا الروح فيها من وأد أمنيات غيرهم. 
وبين الركام المتهاوي أمامهم تجدهم يقفون بُرهة ليتساءلوا:
"لم كل ماحدث قد حدث؟
وأين القصور في مخططاتنا التي لطالما أمضينا أياماً وسنوات في حبّكها حتى مضى العمر؟" 
حينئذٍ تأتي الإجابة من بعيد، ويتردد صداها من حولهم ليخبرهم في نهاية المشوار أنَّ "عماراً بُنيَّ على أساس باطل هو باطل" ، مهما طالَّ عمر بناءه واشتد عوده؛ ليعلم حينها صاحبّه فحوى الدرس بأن أشلاء الأنقاذ من تحتك لا تدسها لترتفع، ففي ارتفاعك الوهميّ سقوط مُدوي لا يُحمد عُقباه.. لذا انتبه! 

غدير المزيني

No comments:

Post a Comment